نعيش اليوم في عالم تحكمه العولمة، حتى أصبحت هذه الأخيرة تطال جميع نواحي حياتنا العامة والشخصية. العولمة لم تدخل مجتمعاتنا فحسب محولة العالم الكبير إلى قرية صغيرة، بل اقتحمت منازلنا أيضًا مدّعيةً أنّ القيم والأخلاق والمبادئ واحدة، وأنّ المعيار الوحيد الذي لا بدّ أن يحكمها هو معيار الانفتاح وتقبل الاختلاف والآخر. عولمة القيم والأخلاق والمبادئ هو الإيمان أنه من الممكن جمع كل شعوب الأرض، على اختلاف ثقافاتها وانتماءاتها وأديانها تحت راية الأسس والمبادئ الأخلاقية الموحدة. وإن كانت هذه القناعة مغرية وجذابة في الظاهر، إلّا أنّها خطرة وسامّة في الباطن. فالحقيقة تبقى أنّ المبادئ الأخلاقية هي جزء لا يتجزأ من المبادئ الاجتماعية، ولايمكن فصلها عن الدين والعرف أيضًا. فالسلوك المقبول والشائع في أحد المجتمعات قد يكون منبوذًا ومرفوضًا في مجتمعٍ آخر. ومهما حاولنا التستر تحت راية الانفتاح الفكري والتقبل الاجتماعي، هذه الحقيقة لن تتغير ما دمنا نستمدّ قناعاتنا وأسلوب حياتنا من نصوص سماوية منزّلة، هي كلام الله عزّ وجلّ جلاله.
لهذا، فإنّ مشروع “كتابيانا” ليس وليد فكرة أو نظرة فردية، بل هو وليد حاجة اجتماعية ملحّة، وقد جاء في محاولةٍ للتصدّي لهذه الموجة الجارفة والعمل على إعادة إحياء وتمكين قيمنا وعاداتنا وأسلوب حياتنا كمسلمين حول العالم. إنّ المواضيع التي تعالجها قصصنا هي مواضيع تلامس كل عائلة مسلمة. بعض القصص تناقش القيم العائلية، أخرى تعرّف الطفل بتقليد ثقافي معيّن يمارسه بعض المسلمون في مجتمع محدد أو تحتفي بمناسبة إسلامية تطال عموم المسلمين حول العالم مثل العيد أو الحج أو شهر رمضان المبارك. مهما كان الموضوع الذي تعالجه قصصنا، يمكنك أن تطمئن إلى أن جميع الأفكار التي نعرضها والقيم التي نروج لها هي ذات صلة اجتماعية قويّة ولا تتعارض مع المبادئ الدينية الثابتة.
في مقالينا السابقين، ” سبع مزايا كفيلة بوضع كتاب مخصص (على الأقل) على رفوف مكتبة طفلك” و”هكذا ترفع الكتب المخصصة من قدرة الأطفال على التعلّم”، وضّحنا كيف أنّ الأطفال الذين يقرأون الكتب المخصصة قادرين أكثر على فهم العبرة وراء القصة وعلى إعادة سرد العبرة بأدق تفاصيلها بكلماتهم الخاصة ولفترة أطول. إذ تنشئ الكتب المخصصة رابط عميق بين الطفل والنص. لا يكتفي الطفل بالتعرف على نفسه كبطل القصة، ولكنه يتقبل ويتبنى العبرة وبالتالي المبادئ والقيم التي يدافع عنها الكتاب.
لا تشكل القيم والأخلاق والمبادئ الضحايا الوحيدة للعولمة، بل يتسع امتداد أضرارها لتطال الثقافة المحلية ولسان اللغة الأم. فاللّغة جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية لكل بلد. وتكتسب اللغة بعدًا آخر عندما تكون ذات ارتباط وثيق بالدين كحال اللغة العربية والإسلام. من غير الممكن أن ننكر اليوم أنّ اللغة العربية تواجه الكثير من التحديات، من الزحف الثقافي الغربي إلى تعدد اللهجات المحلية وعدم استخدام العربية الفصحى مرورًا بالوضع السياسي المأساوي في المنطقة العربية وقلة المحتوى العربي المتوفر على الانترنت والمستويات غير المسبوقة للأمية في العالم العربي ووسائل التعليم البالية للغة العربية في المدارس. كل هذه العوامل تزعزع العلاقة بين الطفل واللغة العربية. عندما نقدّم للطفل كتاب مخصص باللغة العربية، فإننا في الحقيقة نقدّم له فرصة للتصالح مع لغته. هذه الهدية لن تقوي العلاقة بين البالغ والطفل فحسب، بل مع اللغة التي سيقرأ من خلالها القصة ويستمع إليها.
لماذا يجب أن تختار أن تقدّم لطفلك كتابًا مخصصًا باللغة العربية من “كتابيانا”؟
بكل بساطة لأنّ عائلة كتابيانا تعرف وتفهم وتتبنى قيمك وتراثك وأهدافك التربوية.